الشارع المغاربي : من هو أقرب للحقيقة ؟ شركة سيغما كونساي التونسية أم مكتب المعهد الجمهوري الامريكي الدولي في تونس ؟ بالنسبة للشركة التونسية 35 ٪ من التونسيين و28 ٪ منهم سيصوتون بالتوالي لحزبي النداء والنهضة. بالنسبة للمعهد الامريكي 3 ٪ فقط من أصوات التونسيين ستذهب الى الحزبين المذكورين بالتساوي.
البعد بين السبرين كبعد الارض عن السماء وحيرة القارئ أو الملاحظ أعظم. عاطفيا يميل المرء الى نتائج الشركة التونسية خاصة أنها، في الانتخابات التونسية الحاسمة، فازت بشارة المصداقية والجديّة. أما عقلانيا فقد يميل المرء الى نتائج المعهد الامريكي لكونها أقرب لما يتوقعه التونسي حسيّا. يخطئ المعهد الامريكي حين يسند الى النهضة 3 ٪ من الاصوات.
المنطق المجرد يرفض هذه النسبة لما يُعرف عن أنصار النهضة وعددهم حسب الانتخابات الاخيرة لا ينزل تحت 900 الف صوت من مساندة مطلقة وآلية لحركتهم، كما تخطئ سيغما كونساي حين تسند الى حزب يرأسه حافظ قائد السبسي 35 ٪. إلا أن المؤسستين تقتربان كثيرا في نسبة العزوف عن الانتخابات : 83 ٪ بالنسبة للامريكية و70 ٪ بالنسبة للتونسية.
ستظل الحقيقة طبعا عند الناخب التونسي والمرجح أن يفاجئ المؤسستين بنتائج مغايرة… في انتظار أن ينظر المشرع في القانون المنظم لمؤسسات سبر الآراء، قانون لا بد من اعداده وتمريره قبل سنة على الأقل من موعد 2019 تجنبا لاي توظيف محتمل لشركات سبر الاراء .
وبالعودة الى النتائج التي اعلنها المعهد الامريكي، فإن المثير للانتباه انها شكلت لأول مرة تقريبا الحديث السياسي رغم ان هذا المعهد دأب على القيام بسبر الاراء منذ فترة تعد بالسنوات، ليتحول آخر سبر اراء له الى منطلق لنقاشات حول صدقية شركات سبر الاراء التونسية.
وخلال الاشهر الاخيرة وجهت سهام النقد اللاذع لشركة سيغما كونساي منهم قبل عدد من الاحزاب ومن السياسيين نذكر منها سليم الرياحي ومحسن مرزوق وحزب حركة تونس اولا ،واتهم رئيسها حسن الزرقوني بتزييف الارقام وبالعمل وفقا لاجندات سياسوية لارضاء اطراف الحكم، فيما تسمك الزرقوني بصدقية ارقامه وبعلمية عمله، خاصة ان نتائج انتخابات 2014 كانت متطابقة بشكل شبه كلي مع نتائج استطلاعات الرأي التي اصدرتها مؤسسته.
يشار الى نتائج المعهد الامريكي المذكور محل متابعة من الاحزاب الحاكمة وخصوصا نداء تونس والنهضة، ومحل متابعة ايضا من رئاستي الجمهورية والحكومة، وان ينتقد البعض نتائج هذا المركز ويتهم بدوره بمحاولة يث السموم في المشهد من منطلق ان رئيسه المركزي هو السيناتور جون ماكين الشخصية المثيرة للجدل محليا وعربيا، فذلك لا ينفي أنه من الصعب تصديق وجود تلاعب في هذا المعهد المعروف بجديته وبمتابعة فروعه الموجودة في جل بلدان ما يسمى بالربيع العربي ويقدم نفسه كمؤسسة تساعد وتتابع الديمقراطيات النائشة.
ونذكر ان احد الاعلاميين المشاركين في أحد الاجتماعات التي عقدها الباجي قائد السبسي رئيس الجمهورية خلال فترة تشكيل حكومة يوسف الشاهد، اكد ان الرئيس تطرق الى نتائج سبر الاراء مبرزا انه لا يصدقها ولا يأخذها على محمل الجد خاصة انها تقدم حزب حركة نداء تونس في المرتبة الاولى رغم حالة الوهن التنظيمي والسياسي التي يمر بها .
ولم تكذب مؤسسة رئاسة الجمهورية ذاك التصريح المنسوب للباجي قائد السبسي، وبقي يتداول كموقفه من استطلاعات الراي الصادرة منذ دخوله قصر قرطاج .
